المقارنات: العدو الخفي للسلام النفسي

مؤتمر التمكين 4

✍️ تأليف: راندا ياسر محمود سيد فهمي

مدربة حياة معتمدة – متخصصة في الصحة النفسية، الوعي الذاتي، والعلاقات الإنسانية.

العدو الخفي للسلام النفسي

في عالم منفتح على مصراعيه، نُشاهد يوميًا تفاصيل حياة الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح من السهل جدًا الوقوع في فخ المقارنات. نقارن أشكالنا، وظائفنا، بيوتنا، وحتى سعادتنا… دون أن ندرك أننا بذلك نحفر ببطء في أرض رضا أنفسنا واستقرارنا النفسي.

المقارنة ليست مجرد فكرة عابرة أو لحظة ضعف؛ بل هي واحدة من أكثر الأسباب التي تدفع الإنسان للشعور بالنقص، وعدم الكفاية، وفقدان السعادة. تشعر وكأنك دائمًا متأخر عن الآخرين، وكأن ما تملكه ليس كافيًا، وما تفعله لا يرقى للمستوى المطلوب. والنتيجة؟ فقدان الطمأنينة، التشتت، والتعب النفسي.

التأثير النفسي العميق للمقارنات

المقارنات لا تقتل الإبداع فقط، بل تقتل الثقة بالنفس أيضًا. الشخص الذي يقارن نفسه باستمرار يصبح أسيرًا لصورة مثالية غير واقعية. كل مرة يرى فيها “نجاح” الآخرين، يشعر وكأن فشله هو الحقيقة الوحيدة. حتى لحظات الفرح والإنجاز تفقد قيمتها، لأنه يشعر بأنها “أقل” مما يجب أن تكون.

تشعر أنك ناقص… غير كافٍ… غير جدير بالسعادة.

هذه المشاعر قد تكون مألوفة لك، لأنها للأسف منتشرة أكثر مما نتخيل. كثير من الناس يبتسمون في العلن، لكنهم يعانون في صمت من جلد الذات والشعور بالتقصير بسبب هذه المقارنات اليومية.

لماذا لا تؤدي المقارنات إلى النجاح

يظن البعض أن المقارنة تحفّز الإنسان على التطور، لكن الحقيقة مختلفة. المقارنة تُؤدي إلى الشلل. تجعلك تركز على ما ليس لديك بدلًا من تنمية ما تملك. تمنعك من رؤية مسارك الخاص لأنك مشغول جدًا بمراقبة مسارات الآخرين.

لكل شخص فينا قصة فريدة، بتوقيته الخاص، بتحدياته، وظروفه. المقارنة تنسينا هذه الحقيقة. تجعلنا ننظر لحياة الآخرين من خلال عدسة مثالية ومضللة، بينما نرى أنفسنا من الداخل بكل ضعفنا وخوفنا.

الطريق إلى التحرر من المقارنات

الخطوة الأولى للتحرر من سجن المقارنات هي الوعي: إدراك أن ما تراه من حياة الآخرين هو مجرد لقطة منتقاة، وليس الحقيقة الكاملة.

الخطوة الثانية هي الامتنان: التركيز على ما لديك، على نقاط قوتك، وعلى الرحلة التي قطعتها حتى الآن.

وأخيرًا، امنح نفسك الرحمة: كن لنفسك صديقًا، لا ناقدًا. لا بأس إن لم تكن حياتك مثالية، فالأهم أن تكون حقيقية، نابعة من قلبك أنت.

تذكير أخير

كل مرة تمسك فيها هاتفك وتشعر أنك “متأخر”، “ناقص”، أو “غير كافٍ”، تذكّر: أنت تمشي في طريقك، لا طريق أحد آخر.

وأنت لست بحاجة لأن تكون مثلهم لتكون سعيدًا. يكفي أن تكون أنت، وتؤمن أن ما عندك كافٍ لبداية جديدة… مليئة

بالسلام.

انضم للقائمة البريدية واحصل على مواد تعليمية مجانا
Subscription Form

مقالات ذات صلة

التحيُّز القائم على النَّوع الاجتماعي والصُّور النمطيَّة في ريادة الأعمال: حواجز تُؤثِّر سلبًا على حياة النِّساء

✨ في سياق رسالتنا… في إطار حرص مؤسسة تطوير الكوتش العربي على تمكين أعضائها، وإتاحة المساحة لهم للتعبير عن رؤاهم وتجاربهم الملهمة، تأتي هذه المقالة…